قلعة الشوبك
2 مشترك
sa7ab :: سحاب الأدبيه :: تاريخ وحضاره
صفحة 1 من اصل 1
قلعة الشوبك
من طرف النشمي السبت يونيو 21, 2008 6:39 pm
 |
الغد : الشوبك - يصعب توقيف الزمن لينقل صورة كاملة ونهائية لبلد أخذت تتكامل عناصر حياته، وتفاصيل لوحته الكبيرة النابضة بالتفوق على إمكانيات الواقع.
لكن يحق لنا توقيف الزمن لنزهو بالوجه الجديد الناضر والقوي لكيان قديم عريق ما يزال يتفاعل مع مفاهيم التحدي، ويخرج من تلك المغامرات التاريخية بانتصارات.
وقلعة الشوبك الراسية على قمة جبل يطل أعلى الغور شاهد عيان على العديد من الحروب الصليبية التي تضاهي ببساتينها وجمالها وغرائب الأشجار دمشق بسحرها.
إن أول من أقام قلعة الشوبك هو بلدوين الأول الصليبي ملك القدس عام (1115) م، ودعاها باسم مونتريال. ومن هذه القلعة الراسية على قمة جبل واضحة للعيان كان الصليبيون يغيرون على القوافل العربية والإسلامية التي كانت تسير بين القاهرة ودمشق والحجاز.
وقد اعتنى السلطان المعظم ابن الملك العادل الأيوبي الآتي ذكره بأمر الشوبك، فجلب إليها غرائب الأشجار المثمرة حيث تركها تضاهي دمشق في بساتينها وتدفق أنهارها ووصف هذه البلد (أبو الفداء) صاحب حماة المتوفى عام 732 ?ـ، بقوله "الشوبك بلد صغير كثير البساتين غالبية ساكنيه من النصارى وهو في شرق الأردن في الغور على طريق الشام من جهة الحجاز وتنبع من ذيل قلعتها عينان احداهما على يمين القلعة والأخرى على يسارها كالعينين للوجه وتخترقان بلدتها ومنها شرب بساتينها وهي من غرب البلد، وفواكهها من المشمش والتين مفضلة وتنتقل إلى ديار مصر. وقلعتها مبنية من الحجر الأبيض وهي على تل مرتفع ابيض مطل على الغور"، ونتيجة لكثرة الحروب وتوالي الزلازل فقد هدم قسم كبير من القلعة حتى قام الصالح نجم الدين أيوب بترميمها فكتب تاريخ ذلك على جدرانها بهذه العبارة: "بسم الله الرحمن الرحيم... هذا ما عمر في أيام مولانا السلطان الأعظم العادل الملك الصالح (نجم الدين أيوب)".
و تطوع في عمارتها (شرف الدين عيسى بن خليل بن مقاتل)، وذلك في شهور سنة 646 م. ثم دخلت الشوبك في حكم المماليك وفرضت الأمن والسلم في تلك المنطقة ولكن عربان البادية تضايقوا منها فتقدم شيخهم عتبة شيخ قبائل بني عتبة الكركية وزين السلطان الملك الاشرف خليل ليهدم قلعة الشوبك خشية أن تحصن بها اخصامه. فانخدع السلطان وأمر الأمير عز الدين الافرم بالسفر الى الشوبك وتخريب قلعتها.
ويظهر أن الأميركان أدرى بالحقيقة من ملكه فرجاه وبكى في رجائه لإبقائها حصنا لقوته وسلطانه في تلك المنطقة البعيدة، فنهره وأصر على تنفيذ أمره وكان هذا في غاية من سوء التدبير وقد شعر السلطان بالخطأ عندما تم التخريب، فقد تمردت قبائل البادية في سنة 692هـ، 1292م.
وبعد خمس سنين شعر السلطان (حسام الدين لاجين) بوجوب إعادة بنائها فنفذ عزمه وكتب على احد جدرانها: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذه القلعة وتجديد بنائها الملك المنصور (حسام الدين الملك المنصور لاجين) وذلك في مباشرة الأمير الكبير علاء الدين المنصور سنة 697هـ".
لقد بنى في السنة التالية قلاعا كثيرة في هذه المنطقة سدت الطريق وقطعت الاتصال بين مصر وفي سنة 112 اكتشفت خيانة في صفوف الصليبيين هي أن (رومان ديبوى) صاحب الشوبك الملقب بأمير شرق الأردن، تمرد على قومه وانشق عنهم بالاشتراك مع ابنه، فحوكم وعزل عن إمارته وعين (باين) عوضا عنه وبعد ذلك بثلاث سنين توفي بلودين، وخلفه صهره (فولك أنجو) الذي اشتهر بأعمال البناء التي قام بها في فلسطين وشرق الأردن، حيث قام ببناء قلعة الكرك في مكان القلعة المؤابية وفي سنة 1161 عين (فليب نيلي) أميرا على الكرك والشوبك، ما بعد ترك صلاح الدين القاهرة وحاصر الشوبك فطلب الصليبيون هدنة مدتها عشرة أيام ليتمكنوا من وضع الشروط لتسليم المدينة لكن صلاح الدين اضطر للرجوع الى القاهرة.
وبعد معركة حطين أهمل صلاح الدين قلاع الجنوب بعد أن تأكد منها لا تلبث أن تستسلم بعد أن انقطع عنها الطعام. وفي سنة 1188م سلمت الكرك وتلتها الشوبك وبذلك انتهى الحكم الصليبي في شرق الأردن. ولما توفي صلاح الدين سنة 1193م، وقسمت أملاكه بين أفراد أسرته حصل الانقسام والتباعد بينهم مدة شهرين الى أن تمكن أخوه العادل من القبض على الأمور وعين أولاده عمالا على الولايات، الكامل على مصر، والمعظم بن عيسى على دمشق وجنوب سورية.
وأخيرا طلب الكامل صاحب مصر من ابن أخيه الملك الناصر داود صاحب دمشق أن يتنازل له عن الشوبك، ولما رفض الناصر ذلك سار الكامل من مصر الى الشام قاصدا استخلاص الشوبك بالقوة، ولما رأى الناصر داود ضعفه سلم لعمه واحتفل به احتفالا عظيما وحصل بينهما اتحاد عام.
ولكن العلاقات ما لبثت أن توترت بين الناصر وعمه الكامل فالتجأ الأول الى خليفة بغداد المستنصر الذي قام بدور الصلح بينهما.
وحالياً إن قلعة الشوبك المتآكل منها جزء كبير هي مقصد للسياح العرب والأجانب لجمال طلتها وبهاء وصفوة الأجواء فيها، إذ تكاد تكون متنزها لأبناء البلدة في الصيف التي تشهد طقسا معتدلا وشتاء قارسا جداً.
مواضيع مماثلةsa7ab :: سحاب الأدبيه :: تاريخ وحضاره
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى